أبغض واحداً من الصحابة فعليه لعنة الله .
قال : لعلك تتأوّل ما تقول ، قل : فمن أبغض العشرة من الصحابة ، فقال : من أبغض العشرة فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، فوثب الرجل وقبّل رأسه وقال : اجعلني في حل مما قرفتك(١) به من الرفض قبل اليوم ، قال : انت في حلّ وانت اخي ، ثم انصرف السائل ، فقال له الصادق عليه السلام : جوّدت ـ لله درك ـ لقد عجبت الملائكة في السماوات من حسن توريتك ، وتلطفك بما خلصك ، ثم لم تثلم دينك ، وزاد الله في مخالفينا غمّاً الى غم ، وحجب عنهم مراد منتحلي مودّتنا في تقيّتهم فقال بعض اصحاب الصادق عليه السلام : يابن رسول الله ، ما عقلنا من كلام هذا الا موافقة صاحبنا لهذا المتعنت الناصب .
فقال الصادق عليه السلام : لئن كنتم لم تفقهوا ما عنى ، فقد فهمناه نحن ، وقد شكر الله له ، ان وليّنا الموالي لاوليائنا المعادي لأعدائنا ، اذا ابتلاه الله بمن يمتحنه من مخالفيه ، وفّقه لجواب يسلم معه دينه وعرضه ، ويعظم الله بالتقية ثوابه ، ان صاحبكم هذا قال : من عاب واحداً منهم فعليه لعنة الله ، أي من عاب واحداً منهم وهو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام .
وقال في الثانية : من عابهم او شمتهم فعليه لعنة الله ، وقد صدق لأن من عابهم فقد عاب علياً عليه السلام لأنه احدهم ، فاذا لم يعب علياً عليه السلام ولم يذمهم فلم يعبهم ، واذا عاب عاب بعضهم ، ولقد كان لحزقيل المؤمن مع قوم فرعون الذين وشوا به الى فرعون مثل هذه التورية .
كان حزقيل يدعوهم الى توحيد الله ، ونبوة موسى عليه السلام ، وتفضيل محمد صلّى الله عليه وآله على جميع رسل الله وخلقه ، وتفضيل عليّ بن أبي طالب عليه السلام والخيار من الأئمّة على سائر اوصياء النبيين ، والى البراءة من ربوبية فرعون ، فوشى به الواشون الى فرعون .
____________________________
(١) قرفتك : اتهمتك ( لسان العرب ص ٩ ح ٢٨٠ ) .