فأخبرته بالخبر ، فكتب بذلك الى عمر بن الخطاب ، فجاء كتاب عمر يقول : الحق الرجل ، فركب سعد وركبت معه حتى انتهينا الى الجبل ، فلم نترك كهفاً ولا شعباً ولا وادياً ، الّا التمسناه فلم نقدر عليه ، وحضرت الصلاة ، فلما فرغت من صلاتي ناديت : يا صاحب الصوت الحسن والوجه الجميل ، قد سمعنا منك كلاماً حسناً ، فأخبرنا من أنت يرحمك الله ؟ اقررت بالله تعالى ووحدانيته ، قال : فاطلع رأسه من كهف الجبل ، فإذا شيخ أبيض الرأس واللحية ، له هامة كانه رحى ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقلت : وعليك السلام ، من أنت يرحمك الله ؟ فقال : أنا ذريب بن ثملا ، وصيّ العبد الصالح عيسى بن مريم ، سأل لي ربّه البقاء الى نزوله من السماء ، وقراري في هذا الجبل ، وانا موصيكم : سدّدوا وقاربوا ، اياكم وخصالا تظهر في امّة محمد صلّى الله عليه وآله ، فان ظهرت فالهرب الهرب ، ليقم احدكم على نار جهنم حتى تنطفىء منه ، خير له من البقاء في ذلك الزمان .
قال معاوية بن فضلة : فقلت له : يرحمك الله ، اخبرنا بهذه الخصال لنعرف ذهاب دنيانا واقبال آخرتنا ، قال : نعم ، إذا استغنى رجالكم برجالكم ، ونساؤكم بنسائكم ، وانتسبتم الى غير مناسبكم ، وتوليتم الى غير مواليكم ، ولم يرحم كبيركم صغيركم ولم يوقّر صغيركم كبيركم ، وكثر طعامكم فلم تروا الّا غلاء اسعاركم ، وصارت خلافتكم في صبيانكم ، وركن علماؤكم الى ولاتكم ، فاحلّوا الحرام ، وحرّموا الحلال ، وافتوهم بما يشتهون ، واتخذوا القرآن الحاناً ومزامير في اصواتهم ، ومنعتم حقوق الله في اموالكم ، ولعن آخر امتكم اوّلها ، وزوّقتم المساجد ، وطوّلتم المنائر(٣) ، وحلّيتم المصاحف بالذهب والفضّة ، وركب نساؤكم السروج ، وصار مستشار أموركم نساؤكم وخصيانكم ، واطاع الرجل امرأته وعقّ والديه ، وضرب الشاب والدته ، وقطع كلّ ذي رحم رحمه ، وبخلتم بما في أيديكم ، وصارت اموالكم عند شراركم ، وكنزتم الذهب
____________________________
(٣) في نسخة : المنابر .