وسقطا جميعاً فكأنّما لما بهما يضرعان ويبكيان ، فقيل لامير المؤمنين عليه السلام ، فقال : دعوهما ، فانه لم يحن حينهما ، ولم يتم محنتهما ، فحملا الى منزلهما فبقيا عليلين اليمين في عذاب شديد شهرين ، ثم ان أمير المؤمنين عليه السلام بعث اليهما فحملا اليه ، والناس يقولون : سيموتون على أيدي الحاملين لهما ، فقال عليه السلام : كيف حالكما ؟ قالا : نحن بألم عظيم وفي عذاب شديد ، قال لهما : استغفرا الله من ذنب أتاكما(١) الى هذا ، وتعوّذا بالله ممّا يحطّ اجركما ويعظم وزركما ، قالا : وكيف ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليّ عليه السلام : ما اصيب واحد منكما الّا بذنبه ، امّا أنت يا فلان ـ واقبل على احدهما ـ فتذكر يوم غمز على سلمان الفارسي فلان ، وطعن عليه لموالاته لنا ، فلم يمنعك من الردّ والاستخفاف به ، خوف على نفسك ولا على اهلك ولا على ولدك ومالك اكثر من انّك استحييته ، فلذلك أصابك ، فان أردت أن يزيل الله ما بك ، فاعتقد ان لا ترى مزرئاً على وليّ لنا ، تقدر على نصرته بظهر الغيب الا نصرته ، الّا ان تخاف على نفسك واهلك وولدك ومالك ، وقال للآخر : فأنت اتدري لما اصابك ما اصابك ؟ قال : لا ، قال : أما تذكر حيث اقبل قنبر خادمي ، وانت بحضرة فلان العاتي ، فقمت اجلالاً له لاجلالك لي ، فقال لك : أوتقوم لهذا بحضرتي ؟ فقلت له : وما بالي لا أقوم ، وملائكة الله تضع له اجنحتها في طريقه فعليها يمشي ، فلما قلت هذا له قام الى قنبر وضربه وشتمه وآذاه وتهدّدني ، وألزمني الاغضاء على القذى ، فلهذا سقطت عليك هذه الحيّة ، فان أردت أن يعافيك الله من هذا ، فاعتقد ان لا تفعل بنا ولا بأحد من موالينا ، بحضرة اعادينا ما يخاف علينا وعليهم منه ، اما ان رسول الله صلّى الله عليه وآله كان مع تفضيله لي ، لم يكن يقوم لي عن مجلسه اذا حضرته ، كما كان يفعله ببعض من لا يقيس معشار جزء من مائة ألف جزء من ايجابه لي ، لأنه علم ان ذلك يحمل بعض اعداء الله على ما يغمّه ويغمّني ويغمّ المؤمنين ، وقد كان يقوم لقوم لا يخاف على نفسه ولا عليهم ، مثل ما خافه عليّ لو فعل ذلك بي » .
____________________________
(١) في المصدر : ادّاكما .