ويقول ابن خلدون في مقدّمته عن كتب التفسير : إنّها تشتمل على الغث والثمين والمقبول والمردود ، والسبب في ذلك أنّ العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم ، وإنّما غلبت عليهم البداوة والأميّة ، وإذا تشوّقوا إلى معرفة شيء ممّا تتشوّق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود ، فإنّما يسألون أهل الكتاب قبلهم ، ويستفيدون منهم ، وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى ، مثل : كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم ، فامتلأت التفاسير من المنقولات عنهم ، وتساهل المفسّرون في مثل ذلك وملأوا كتب التفسير بهذه المنقولات ، وأصلها كلها كما قلنا من التوراة أو ما كانوا يفترون (١).
ويقول أحمد أمين : « اتصل الصحابة بوهب بن منبه وكعب الأحبار وعبد الله بن سلام ، واتصل التابعون بابن جريج ، وهؤلاء كانت لهم معلومات يروونها عن التوراة والإنجيل وشروحها وحواشيها » (٢).
ومن أجل ذلك كله أخذ أولئك الأحبار يبثّون في الدين الإسلامي أكاذيب وترهات ، وازداد الطين بلّة بعد أن سُنّ القص في المساجد ، فكان القاص يأتي بما هو نادر وشاذ ، وبذلك تولّد الشره إلى كل حكاية يجذب بها المستمتع ، وكان البعض يزعم أنّها في كتب الأمم السابقة أو
_______________
(١) ابن خلدون ، المقدّمة ، ٤٣٩ ـ ٤٤٠.
(٢) أحمد أمين ، ضحى الإسلام ، ص ١٣٩.