من مكنون علمهم ، وأخذوا يدّعون بأنّهم سمعوها ورووها عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وهي في الحقيقة أحاديث مفتراة ، وبذلك امتلأت كتب التفاسير والحديث والتاريخ بتلك الحكايات ، وبوسع أيّ إنسان أن يقف على ما نقول.
ففي التاريخ مثلاً حكايات عن النسناس الذي هو حيوان على هيئة الإنسان إلّا أنّ له يد واحدة ، ورجل واحدة ، وكذلك جميع ما فيه من الأعضاء. وقال العلماء : إنّه يحلّ أكله. وقال عنهم الطبري : إنّهم بنو أميم ابن لاوذ بن سام بن نوح أصابتهم من الله عزّ وجل نقمة من معصية أصابوها فهلكوا وبقيت منهم بقية ، وهم الذين يقال لهم : النسناس (١). وانظر الطبري ومعجم البلدان ومروج الذهب ، واقرأ أخبار النسناس الذي يحكى أنّ الناس والحكّام والخلفاء قاموا بصيده وشيّه وأكله. وهناك كثير وكثير من هذا القبيل نسأل الله العافية.
وهذه الأفكار أو الحكايات التي أصبحت في كتب الإسلام نتيجة الذين أسلموا من أهل الكتاب ولم يتخلّصوا من تراثهم العقلي والفكري ، ومع هذا لا يعدّ ذلك طعناً في إيمانهم مادامت الأصول التي يتحقق معها الإسلام محفوظة ، وهذه الأصول التي تحقق إسلام المرء هي كما قال الرسول صلىاللهعليهوآله عنها فيما يرويه أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من صلّى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ،
_______________
(١) محمّد بن جرير الطبري ، تاريخ الطبري ، ١ / ٢١٤.