بَيْنَهُمْ ) (١).
ولكن الآيتين أجنبيتان عن موضوع الشورى ، فالآية الأولى جاءت مدحاً للأنصار الذين كانوا قبل الإسلام إذا أرادوا عمل شيء تشاوروا في ذلك. وقيل : نزلت في مشاورة أهل الرأي (٢). وقال علماؤنا : المراد بها الاستشارة في الحرب ، ولاشك في ذلك ; لأن الأحكام لم يكن لهم فيها رأي بقول ، وإنّما هي بوحي مطلق من الله عزّ وجل أو باجتهاد من النبى صلىاللهعليهوآله في مورد يجوز له الاجتهاد (٣).
والآية الثانية جاءت ليشاور في الحرب ، ولتطيب نفوس أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآله (٤). وبهذا فالآيتان لم تنزلا من باب التشريع لاختيار الخليفة.
أمّا الشيعة فإنّهم ذهبوا : أوّلاً : إلى أنّ النبي كان إذا عزم على الخروج في بعض أسفاره أو مغازيه أمّر على المدينة أمير حتّى يخلفه في الناس.
ثانياً : إنّ الشريعة تفرض على المسلم أن يوصي عند موته فيما يهمّه ، قال تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (٥) فكيف
_______________
(١) الشورى : ٣٨.
(٢) الحافظ ابن كثير ، تفسير القرآن العظيم ، ٣ / ٤٢٠.
(٣) ابن العربي المالكي ، أحكام القرآن الكريم ، ٢ / ٢٩٧.
(٤) الحافظ ابن كثير ، مرجع سابق ، ٣ / ١١٨.
(٥) البقرة : ١٨٠.