وبعد هذا الثابت والمدوّن الصحيح تجد من يخرج عليك ليقول : إنّ هذا لم يرد إلّا عند الشيعة ، وقد تسمع من يقول وتقرأ : أنّ الشيعة دسّوا هذه الروايات في كتب السنة ، وهي حكايات أشبه بخرافات العجائز.
وبذلك فقد أوضحنا نصوص الشيعة التي يستندون عليها في عقائدهم في أنّ الإمام بجعل من الله ، وأنّ إمامته بالنص دون الاختيار ، وأنّ الذين ذهبوا إلى القول بالشورى اعتمدوا على اجتهاد من عند أنفسهم عندما ظنّوا أنّه ليس هناك نص أو أنكروا النص ; لأنّ أحاديث الغدير والولاية لا تدين من حارب علياً فحسب ، وإنّما تدين كذلك أولئك الذين اعتزلوه ، وبذلك تلقي الضوء على حروب علي التي اشتبه المسلمون والتبس فيها وجه الحق (١).
والشيعة يتساءلون عن الشورى وأركانها ؟ وكيفيتها ؟ وهل تحققت في أيام الخلفاء ؟ وهل اختيار الخلفاء كان بموجب هذه النظرية ؟
إنّ الذين بايعوا أبي بكر في السقيفة اثنان من المهاجرين هما أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح ، وعمر بن الخطاب ، ولذلك قالوا أهل السنة أنّ البيعة تنعقد برجلين من أهل الشورى (أهل الحل والعقد) ، ويقول الخليفة الثاني عمر بن الخطاب : إنّها كانت فلتة وقى الله شرّها. وهذه العبارة تدل بجلاء على أنّ هذه البيعة لم تتم وفق معايير منهجية.
_______________
(١) حسن عباس ، الصياغة المنطقية للفكر السياسي ، ص ٣٥.