ولكن هل تحققت البيعة والشورى في الخليفة الثاني أم كانت عن طريق التعيين ، كما وصّى بها أبو بكر ؟ وهل الخليفة الثالث جاء عن طريق بيعة أم عن طريق تأييد ثلاثة من خمسة (١) ؟
إنّ الموضوعية في البحث تقول إنّ هذه الحالات الثلاث لا يمكن أن تعبّر عن نظرية الشورى فعلاً ، وهل طبيعة هذه الحالات تتسق مع أدلتهم كقول الله تعالى : ( وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ ) (٢) ومع كل هذا تجد من يقول إنّ البيعة تتحقق ببيعة واحد فقط ، كما ذهب ابن العربي المالكي (٣) !!
ومن كل هذا وغيره نقول بأنّ نظرية الشورى لمّا كانت غير ناهضة ولا تقف على أرضية محكمة بعكس نظرية النص والتعيين ، تجد من يقول بأنّ هذه النظرية هي نظرية الفرس الذين أدخلوها في التشيّع لتكون وراثة ، إلّا أنّ الإمامة ليست وراثة ولكنها تعيين ، وليست موضوعة ولكن سندها من الكتاب والسنة ، وليست متأخرة في الفكر الإسلامي ولكنها تمثّل أحد أهم الركائز الاعتقادية عند الشيعة قبل دخول الفرس الإسلام وقبل تشيّعهم وعندما كانوا موالين للأمويين.
ورغم ذلك كله تجد أمثال الدكتور أحمد شلبي في تاريخ المناهج الإسلامية (٤) يقول : وكان عدم تدوين الأحاديث فرصة أمام مدعي
_______________
(١) ابن العربي المالكي ، أحكام القرآن ، ٣ / ٥٧.
(٢) الشورى : ٣٨.
(٣) ابن العربي المالكي ، أحكام القرآن ، ٣ / ٥٧.
(٤) أحمد شلبي ، تاريخ المناهج الإسلامية ٤ / ٢١٣.