العرب إلّا ويعرف اسم أبيه وجدّه وأجداده من بعده ، وهذه خاصة بالعرب وحدهم ، وليس أحد من العرب إلّا يسمي آباءه أباً فأباً ، حاطوا بذلك أحسابهم ، وحفظوا به أنسابهم ، فلا يدخل رجل في غير قومه ، ولا ينسب إلى غير نسبه ، ولا يدعى لغير أبيه (١).
والنتيجة رجل باسمين أو اسمين لرجلين ، من الحيرة تارة ، ومن صنعاء تارة أخرى ، ومن حمير تارة ثالثة ، أو من عموم اليمن كلها ، ولم يعرف سادتنا متى ولد ، او متى أسلم ، ولماذا سمي بابن السوداء ، فهل صحب أمّه معه حيث سار حتّى غلبت سمتها على اسمه فعرف به ، فهم ولا يعرفون اسمه على وجه الدقة رغم أنّهم يعرفون اسم كلب أصحاب الكهف ، وأسماء من في الكهف موجودة في كتب التفسير ، ومجالس العرب ، وكان البحث عن أسمائهم أمراً بالغ الصعوبة والتحري ، فهل كلب أصحاب الكهف من المهم معرفته حتّى تتثبت الأمّة ، فبحثوا ودققوا ؟! وأنّ أمر ابن سبأ كان من الهيّن ، فلم يتحققوا من النقل والضبط ، وغفلوا ، وضيّعوا ما هم عنه مسؤولون ، وعن هذا الذي هو ابن سبأ إن كان بريء فلماذا اتّهموه ، وإن كان متّهم فلماذا تركوه يفتن الأمّة ، مع أنّهم ضربوا المعارضين بمنتهى الشدّة ، وهم من خيرة الصحابة كعمار وابن مسعود وغيرهم ، هذا ما لم نعرفه ، والقوم ليس عندهم جواب على ذلك.
_______________
(١) ابن عبد ربه ، العقد الفريد ، ص٢٧٧.