بيد أنّ الكبر وضيق الأفق أخذ بالبعض أن يقول مقالة تشبه مقالة علي السالوس في موسوعته عندما قال : ونتيجة لدور ابن سبأ في تأسيس عقيدة الرافضة ، ولرفع هذه التهمة الثابتة ، ألّف مرتضى العسكري الشيعي كتاباً عن عبد الله بن سبأ ، وقال : إنّه شخصية خرافية لا وجود لها ، وأنّ قصّته وضعها سيف بن عمر ، واشتهرت عن طريق الطبري. وما قاله هذا الشيعي غير صحيح ، بل جرأة عجيبة على إنكار ما هو ثابت مشتهر (١).
ورغم فساد مرجعيات قصّة ابن سبأ من حيث السند ، ورغم اضطراب متنها في أكثر من موضع ، فسند القصّة يحتوي الكذاب والوضّاع والمجهول ، بيد أنّ علي السالوس في موسوعته يؤكّد أنّها ثابتة ومشتهرة.
نعم ، القصّة مشتهرة ، ولكنها غير ثابتة ، فالثبوت يتطلّب الوجود والحقيقة والصحة فأين صحة الرواية ؟! وعلماء الرجال وأصحاب الحديث يكذبون سيف بن عمر ويتهمونه بالزندقة ، وهي لم تنقل إلّا من طريقه وإليه تنتهي ، وليس لها طرق أُخرى حتّى يقوّي بعضها بعضاً. وقديماً قال علماء المنطق : وليس كل مشهور صادقاً ، فإنّ المشهور لا يقابل الكاذب حتّى يجب أن يكون صادقاً ، بل يقابل الشنيع (٢).
_______________
(١) علي السالوس ، مع الشيعة الاثنى عشرية ١ : ١٦.
(٢) الجوهر النضيد : ٢٣٥.