فدعا عثمان فناجاه حتّى الصباح ، فلمّا صلّى بهم صهيب الصبح ، جمع عبد الرحمن أهل الشورى الخمسة ، ودعا أمراء الأجناد وبعث إلى المهاجرين الموجودين بالمدينة ، وأهل السابقة والفضل من الأنصار حتّى امتلأ بهم المسجد ، فقال عبد الرحمن : « أيّها الناس ، إنّ الناس قد أحبّوا أن يرجع أهل الأمصار إلى أمصارهم وقد عرفوا مَن إمامهم ، فأشيروا عَلَيّ ».
فقال عمار بن ياسر : « إذا أردت ألّا يختلف المسلمون فبايع علياً ».
فقال المقداد : « صدق عمار. إن بايعت علياً قلنا : سمعنا وأطعنا ».
وقال ابن أبي سرح : « إذا أردت ألّا تختلف قريش فبايع عثمان ».
فقال عمار لابن أبي سرح : « متى كنت تنصح المسلمين ؟ ».
وتكلّم بنو هاشم وبنو أمية ، وأوشكت أن تحدث بينهما شحناء ، فقال عمار: « يا أيها الناس إنّ الله أكرمنا بنبيه ، وأعزّنا بدينه ، فأنّى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم ؟ ».
فقال رجل من بني مخزوم : « لقد عدوت طورك يا ابن سمية ».
وأوشكت الأمور أن تنفلت ، فقال سعد بن أبي وقاص : « أفرغ يا عبد الرحمن قبل أن يفتن الناس ».
فارتقى عبد الرحمن المنبر وقال : « يا أيها الناس إنّي قد سألتكم سرّاً وجهراً من إمامكم ، فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين علي وعثمان ».