فقال عبد الرحمن : « اتقي الله يا مقداد إنّي خائف عليك الفتنة ».
فقال علي : « إنّ الناس ينظرون وقريش تنظر إلى بيتها وتقول : إن ولي عليكم بنو هاشم لم تخرج منهم أبداً ، وما كانت في غيرهم من قريش تداولتموها بينكم ».
فقال عبد الرحمن : قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) (١).
وحدث هرج عظيم ، ورأى علي أنّ اختلاف الناس قد يؤدّي إلى فتنة !! فشقّ الناس حتّى بايع وهو يقول : « خدعة أيما خدعة ». ثمّ ارتقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : « لقد علمتم أنّي أحق الناس بها من غيري ، والله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ، ولم يكن فيها جور إلّا عليّ خاصّة ، التماساً لأجر ذلك وفضله ، وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه ».
وبايع فبايع من بعده الذين أحسّوا أنّه مظلوم سليب الحق (٢).
وصرع الخليفة ، ودارت رحى الحرب بين صاحب الحق والمغتصب ، ومازالت دائرة حتّى صدقت نبوءة النبي صلىاللهعليهوآله في صاحب الحق ، حين قال لعليّ : أتدرى من أشقى الأوّلين والآخرين ؟ قال : الله ورسوله أعلم ،
_______________
(١) الفتح : ١٠.
(٢) عبد الرحمن الشرقاوي ، علي إمام المتقين ، ص ١٢٦.