ثمّ إنّ الإمام الحسن بن علي عليهالسلام صالح معاوية حقناً للدماء ، وحفظاً لحقوق الله في دماء الناس على أن يكون الأمر لمعاوية ما كان حيّاً ، فإذا مات فالأمر للحسن ثمّ للحسين ، وبذلك أراد الحسن تصحيح المسار الذي به دخلت الأمّة ظلمات الحرب وحبّ الدنيا حيث إنّ اجتماع السقيفة والذي تمّت فيه البيعة وانتخاب الخليفة الأوّل أبي بكر فإنّه كان أقرب إلى الانقلاب السياسي منه إلى إجراء انتخاب. وهي عملية لم يتّضح فيها طريقة اختيار الإمام.
ولم تكن هناك كيفية واحدة في اختيار من يدير شؤون المسلمين بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآله ففي اجتماع السقيفة ، حضر معظم الصحابة من المهاجرين والأنصار ، وتخلّف عنها أقرباء النبي لانشغالهم بتجهيز الرسول صلىاللهعليهوآله ومن بينهم الإمام علي ، وحاول أبو بكر وسعد بن عبادة ـ باعتبارهما مرشّحين رئيسيين ـ إلى انتزاع موافقة المؤتمرين على البيعة.
وبعد طول النزاع وانحراف الأمّة عن مسارها الصحيح بحيث وصل بهم الأمر إلى أن يُجعل يزيد الفاجر أميراً عليهم فعندئذ تكلّم الساكت وبرز المظلوم ، وتجشم الظالم وخرجت السهام من أكنتها بعد طول مكث ، وأُحرقت الكعبة ، وخُربت المدينة ، وقُتل الحسين بن علي ، وصُلب ابن الزبير ، ودخلت الأمّة بحار الظلم والظلمات ، وتحكّموا في رقاب العباد ألف شهر ، وعدّتهم أربعة عشر نفراً.