انماع كما ينماع الملح في الماء ) (١) ، ولعل الذين تحدّثوا عن توبة يزيد يمكن أن يسوقوا لك دليل توبته بقتل الصحابة يوم الحرة ، وحريق الكعبة وقتال أهل مكة. ولعل أحاديث فضل المدينة ومكة وأصحاب النبي صلىاللهعليهوآله نسخت في عهد ابن معاوية ، وفي عقول الذين يرون توليته ومحبته.
وفي النهاية نسوق مثالاً ممن شايعوا علياً ، وقدّموه على غيره ، ممن ارتفعت أيديهم عن الدماء المحرّمة ، وألسنتهم عن السباب :
حينما قدم أبو الطفيل على معاوية بن أبي سفيان قال معاوية : أأنت أبو الطفيل عامر بن واثلة ؟ قال : نعم.
قال معاوية : أكنت ممّن قتل عثمان أمير المؤمنين ؟
قال : لا ، ولكنني ممّن شهده فلم ينصره. قال : ولِمَ ؟
قال : لم ينصره المهاجرون والأنصار.
فقال معاوية : أما والله إنّ نصرته كان عليهم وعليك حقاً واجباً وفرضاً لازماً ، فإن ضيّعتموه فقد فعل الله بكم ما أنتم أهله ، وأصاركم إلى ما رأيتم.
فقال أبو الطفيل : فما منعك يا أمير المؤمنين ، إذ تربّصت به ريب المنون أن تنصره ومعك أهل الشام ؟! قال معاوية : أما ترى طلبي لدمه ؟!
_______________
(١) المصدر السابق ، ٤ / ١١٢.