١٠ ـ ومن الأمور الملفتة للنظر في حديث الافك ، المحاوة الكلامية العنيفة التي دارت بين سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ، وقول عائشة عن سعد بن عبادة : وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً... ، وقول أُسيد بن حضير لسعد بن عبادة : فانك منافق تجادل عن المنافقين .
وهذا يتنافىٰ مع القول بعدالة الصحابة المطلقة أولاً ، وثانياً فان سعد بن عبادة صحابي عظيم وهو زعيم الأنصار ، وهو الذي كان بادر إلىٰ عقد إجتماع السقيفة علىٰ أمل أن ينال الخلافة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكن مجيء المهاجرين الثلاثة ـ أبي بكر وعمر وأبي عبيدة ـ إلىٰ السقيفة أفشل مخططه ، فانصرفت الخلافة إلىٰ أبي بكر ، وأيده عليها من الانصار أُسيد بن حضير الذي حرض قومه علىٰ بيعة أبي بكر ، كما هو معروف ، بينما خرج سعد بن عبادة مغاضباً ولم يبايع أبا بكر ، ولا كان يجمع معهم في صلاة أو حج حتىٰ خرج إلىٰ الشام وقُتل هناك ، وقيل أن الجن قتلته ، وهي خرافة لا يصدقها عاقل ، فلتراجع (١) .
ومن هذا تبين لنا أن يد السياسة قد تلاعبت في الأمر ، وأن
_______________
(١) تاريخ الطبري ٤ / ٢١٨ ـ ٢٢٢ ، تاريخ الاسلام ٣ / ١٤٨ ، الامامة والسياسة ١ / ٢٧ ـ ٢٨ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٦١٦ ـ ٦١٧ ، الاستيعاب ٢ / ٥٥٩ ، الاصابة ٢ / ٣٠ ، أسد الغابة ٢ / ٢٠٥ .