مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب ، وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضاً : أنها توجب المسح ، وذلك لأن قوله : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) فرؤوسكم في النصب ولكنها مجرورة بالباء ، فاذا عطفت الأرجل علىٰ الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفاً علىٰ محل الرؤوس ، والجر عطفاً علىٰ الظاهر ، وهذا مذهب مشهور للنحاة ... (١) .
نلاحظ أن جميع محاولات علماء السنة تطويع النص القرآني وإخضاعه لقياسات لغوية مبنية علىٰ أقوال قالها أعرابي بوال علىٰ عقبيه لم تنجح ، واضطروا في النهاية إلىٰ الاعتراف بأن الآية سواء قرئت بالخفض أو بالنصب فهي تدل علىٰ المسح .
أمام هذه الحقيقة الساطعة لم يجد القوم مهرباً إلّا التمسك ببعض الروايات التي ظنوا أنها تنقذ الموقف ، وسوف نستعرض أهم الروايات التي يتمسك بها أهل السنة ، ونحاول مناقشتها ، محتجين عليهم بأقوال علمائهم أحياناً في تفنيد دعاواهم .
لا شك أن أقوىٰ الروايات التي يستشهد بها أهل السنة علىٰ وجوب غسل القدمين هي الروايات التي جاءت في صحاح أهل السنة ـ وبخاصة صحيحي البخاري ومسلم ـ عن عبدالله بن عمرو ،
_______________
(١) التفسير الكبير ١١ / ١٦١ .