المؤمنين عليهالسلام لم يبايع أبا بكر طيلة ستة أشهر ، وليست قضية ميراث الزهراء عليهاالسلام من النبي صلىاللهعليهوسلم هي السبب في تأخر بيعة أمير المؤمنين لأبي بكر ـ كما يوحي كلام أبي بكر بذلك وكما ادعىٰ البعض ـ إذ أن كلام أمير المؤمنين عليهالسلام يؤكد أن السبب هو استبداد أبي بكر بالأمر من مستحقيه الحقيقيين .
أما لماذا بايع أمير المؤمنين في نهاية الأمر ؛ فلأنه نظر إلىٰ مصلحة الاسلام العليا فقدمها علىٰ حقه خوفاً من ذهاب الاسلام كله بحدوث فتنة لا تبقي ولا تذر ، ففضل التضحية بشطر الأمر بدلاً من التضحية بكله ، وقد بين سيدنا الامام شرف الدين قدسسره الأمر بشكل جلي حيث قال :
السلف الصالح لم يتسنَّ له أن يقهرهم
يومئذ علىٰ التعبد بالنص فرقاً من انقلابهم إذا قاومهم وخشية من سوء عواقب الاختلاف في تلك الحال ، وقد ظهر النفاق بموت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وقويت بفقده شوكة المنافقين وعتت نفوس الكافرين وتضعضعت أركان الدين ، وانخلعت قلوب المسلمين وأصبحوا بعده كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية بين ذئاب عادية ووحوش ضارية ، وارتدت طوائف من العرب ، وهمت بالردة أُخرىٰ . . . فأشفق علي عليهالسلام
في ذلك الظرف أن يظهر إرادة القيام بأمر الناس مخافة البائقة وفساد العاجلة ،