ربّ العزّة لها ولحفصة ، التي كانت كثيراً ما تنصاع لها وتعمل بأوامرها.
وقال الله لهما : ( عَسَى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أنْ يُبْدِلَهُ أزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَات مُؤْمِنَات ) (١) وهذه الآيات نزلت في عائشة وحفصة بشهادة عمر بن الخطّاب ، كما جاء في البخاري (٢). فدلّت هذه الآية لوحدها على وجود نساء مؤمنات في المسلمين خير من عائشة.
ومرّة بعثها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا أراد أن يخطب لنفسه شراف أُخت دحية الكلبي ، وطلب من عائشة أن تذهب وتنظر إليها ، ولما رجعت كانت الغيرة قد أكلتْ قلبها ، فسألها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما رأيت يا عائشة؟ فقالت : ما رأيت طائلا! فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لقد رأيت طائلا ، لقد رأيت خالا نجدها اقشعرّتْ منه ذوائبك ». فقالت : يا رسول الله ما دونك سرّ ، ومن يستطيع أن يكْتُمكَ (٣).
وكلّ ما فعلته عائشة مع حضرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من مؤامرات كانت في أغلب الأحيان تجرّ معها حفصة بنت عمر ، والغريب أنّنا نجد تفاهماً وانسجاماً تامّاً بين المرأتين عائشة وحفصة كالانسجام والتفاهم بين أبويهما أبو بكر وعمر ، غير أنّه في النّساء كانت عائشة دائماً هي الجريئة والقوية وصاحبة المبادرة ، وهي التي كانت تجرّ حفصة بنت عمر وراءها في كلّ شيء ، بينما كان أبوها أبو بكر ضعيفاً أمام عمر الذي كان هو الجري والقوي ، وصاحب المبادرة في كلّ شي ولقد رأينا فيما مرّ من الأبحاث أنّه حتّى في خلافته
____________
(١) التحريم : ٥.
(٢) صحيح البخاري ٦ : ٧٠ ، باب وإذا أسرّ النبي إلى بعض أزواجه.
(٣) طبقات ابن سعد ٨ : ١٦١ ، تاريخ دمشق ٥١ : ٣٦ ، الإصابة ٨ : ٢٠٠.