كلّ هذا صحيح ، ولكن أن نخالف أوامره سبحانه بأنّ نجعل مثلا ترتيب الوضوء أو التيمّم كما نريد ، فنغسل اليدين قبل الوجه مثلا ، أو نمسح الرجلين قبل الرأس ، فهذا لا يجوز.
ولكن الوضّاعين أرادوا أن يتنازل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن كلّ شيء ليجدوا منفذاً ، وكما يقول كثير من النّاس اليوم عندما تجادلهم في الأُمور الفقهية : لا عليك يا أخي ، المهم صلّ فقط ، صلّ كما يحلو لك!
والغريب أنّ البخاري نفسه يخرج في نفس الصفحة التي بها قول الرسول « افعل افعل ولا حرج » ، واقعةً يظْهِرُ فيها النبي متشدّداً إلى أبعد الحدود ، قال عن أبي هريرة : إنّ رجلا دخل المسجد يصلّي ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ناحية المسجد ، فجاء فسلّم عليه فقال له : « ارجع فصلِّ فإنّك لم تُصلِّ » ، فرجع فصلّى ثمّ سلّم فقال : « وعليك ، ارجع فصلّ فإنك لم تُصَلِّ ».
وكرّر الرجل الصّلاة ثلاث مرّات ، وفي كلّ مرّة يقول له الرّسول « ارجع فصل فإنك لم تُصلّ » ، فقال الرجل للرسول : علّمني يا رسول الله ، فعلّمه الاطمئنان في الركوع ، والاطمئنان في السجود ، قال : ثمّ اركع حتى تطمئن راكعاً ، ثمّ ارفع رأسك حتى تعتدل قائماً ، ثمّ اسجد حتى تطمئنّ ساجداً ، ثمّ ارفع حتّى تستوي وتطمئنّ جالساً ، ثمّ اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثمّ ارفع حتى تستوي قائماً ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (١).
كما أخرج البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد ، باب قول الله عز
____________
(١) صحيح البخاري ٧ : ١٣٢ كتاب الإيمان والنذور ، باب حنث ناسياً.