حساب ، عند ذلك أنكروا عليه ، وأثاروا حوله الشبهات إلى أن قتلوه.
وهذه هي الحقيقة التي تنَبّأ بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عندما قال لهم : « إنّي لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكنّي أخاف عليكم أنْ تنافسوا فيها » (١).
وقال الإمام علي عليهالسلام : « كأنّهم لم يسمعوا قول الله تعالى : ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٢). بلى والله لقد سمعوها ووعوها ، ولكنّهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها » (٣).
فهذا هو الواقع ، أمّا أن نعتقد بأنّهم أنكروا عليه تغيير سنّة النبيّ ، فهذا ممّا لا سبيل إليه ، ولأنّهم لم ينكروا على أبي بكر وعمر ، فكيف ينكرونها عليه ، والمفروض أنّ عثمان بن عفّان أكثر عدداً وأقرب ناصراً من أبي بكر وعمر ، كما صرّح هو نفسه بذلك ، لأنّه زعيم بني أُميّة ، وبنو أُميّة أقرب للنّبي من تيم وعدي قبيلتي أبي بكر وعمر ، وأشدّ منهما قوّة ونفوذاً وأشرف منهما حسباً ونسباً.
ولأنّ الصحابة لم ينكروا على أبي بكر وعمر ، بل كانوا يقتدون بسنّتهما ، ويتركون سنّة النبيّ وهم يعلمون ، فلا يمكن أن ينكروا على عثمان ما أقرّوه لغيره.
والدّليل أنّهم حضروا في كثير من المواقف التي غيّر فيها عثمان سنّة
__________________
١ ـ صحيح البخاري ٢ : ٩٤ باب الصلاة على الشهيد ، السنن الكبرى للبيهقي ٤ : ١٤ ، صحيح ابن حبان ٧ : ٤٧٣.
٢ ـ القصص : ٨٣.
٣ ـ نهج البلاغة ١ : ٣٦ ، الخطبة : ٣.