( ... وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً ) (١).
وهذا طلحة الذي دخل على أبي بكر قبل وفاته عندما كتب عهده بالخلافة لعمر بن الخطّاب فقال له : ماذا تقول لربّك إذ ولّيتَ علينا فظّاً غليظاً؟ فشتمه أبو بكر بكلام بذيء (٢).
ولكنّنا نجده بعد ذلك يسكُت ويرضى بالخليفة الجديد ، ويُصبح من أنصاره ، ويعمل على جمع الأموال وكسب العبيد ، خصوصاً بعد أن طمع في الخلافة ، واشرأبتّ عنقه إليها بعد أن رشّحه عمر بن الخطّاب لها.
وطلحة هو الذي خذل الإمام عليّاً ، وانحاز في صفّ عثمان بن عفّان لعلمه المسبق بأنّ الخلافة إذا آلتْ إلى علي فلا يبقى له فيها مطمع بعد ذلك ، وقد قال عليّ في ذلك : « فصغى رجلٌ منهم لضغنه ، ومال الآخر لصهره ، مع هن وهن ... ».
يقول الشيخ محمّد عبده في شرحه : « وكان طلحة ميالا لعثمان لصلات بينهما على ما ذكره بعض رواة الأثر ، وقد يكفي في ميله إلى عثمان انحرافه عن علي لأنّه تيمي ، وقد كان بين بني هاشم وبني تيم مواجد لمكان الخلافة في أبي بكر » (٣).
لا شكّ بأنّ طلحة هو أحد الصحابة الذين حضروا بيعة الغدير ، وسمعوا
__________________
١ ـ الأحزاب : ٥٣.
٢ ـ نحوه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١١ : ١٣ ، السنن الكبرى للبيهقي ٨ : ١٤٩ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ : ٤٨٥ ح٤٦ ، الطبقات الكبرى ٣ : ٢٧٤.
٣ ـ شرح نهج البلاغة لمحمّد عبده ١ : ٣٤.