روتها بنفسها وصحّحتها ، ثمّ تتبع بدعة عثمان بن عفّان ، والتي كانت تحرّض على قتله بدعوى أنّه غيّر سنّة النبيّ وأبلاها قبل أن يُبلى قميصه؟!
نعم ، ذلك ما وقع في عهد عثمان ، ولكنّها غيّرت رأيها في عهد معاوية بن أبي سفيان ، وما أسرع أن تغيّر أُمّ المؤمينن رأيها ، فقد حرّضتْ على قتل عثمان ، ولكنّها لمّا عرفتْ بأنّهم قتلوه وبايعوا عليّاً ، غيّرت رأيها وبكتْ على عثمان بكاءً شديداً ، وخرجتْ للطلب بدمه هي أيضاً.
والمفهوم من الرواية أنّها أتمّت صلاة السفر ، وجعلتها أربع ركعات بدلا من ركعتين في زمن معاوية الذي كان حريصاً على إحياء بدع ابن عمّه ووليّ نعمته عثمان بن عفان.
والناس على دين ملوكهم ، وكانت عائشة من أُولئك الناس الذين صالحوا معاوية بعد العداء ، فهو الذي قتل أخاها محمّد بن أبي بكر ، ومثّل به أشنع مثلة.
ومع ذلك فإنّ المصالح الدنيوية المشتركة تجمع الأعداء وتوحّد الأضداد ، لذلك تقرّب إليها معاوية وتقرّبتْ إليه ، وأصبح يبعث لها بالهدايا والعطايا والأموال الطائلة.
يقول المؤرّخون : إنّ معاوية لمّا قدم المدينة دخل على عائشة لزيارتها ، فلمّا قعد قالتْ له : يا معاوية أَأَمنتَ أنّ أُخبّئ لك من يقتلُك بأخي محمّد بن أبي بكر؟
فقال معاوية : إنّما دخلتُ بيت الأمان.
فقالت : أما خشيتَ الله في قتل حجر بن عدي وأصحابه؟