النبيّ قال فيه : « أبو طالب في ضحضاح من نار يغلي منها دماغه ».
ومن أجل هذا الحديث المكذوب يعتقد « أهل السنّة والجماعة » بأنّ أبا طالب مشرك وهو في النار ، ولا يتقبّلون بعد ذلك التحليل العقلي الذي يوصلهم إلى الحقيقة ، وبهذا الحديث تُنسف كلّ حياة أبي طالب وجهاده في سبيل الإسلام من أجل دعوة ابن أخيه ، حتّى عاداه قومه وعاداهم ، إلى أن رضي بالحصار في شعب مكّة لمدّة ثلاث سنين مع ابن أخيه يأكل خلالها أوراق الشجر ، وتنسفُ كلّ مواقفه البطوليّة ، وأشعاره العقائديّة في نصرة دعوة النبيّ ، وكذلك يُعفَى كلّ ما فعله النبيّ في حقّ عمّه ، وكيف غسّله وكفّنه في قميصه ، ونزل في قبره ، وسمّى ذلك العام بعام الحزن وقال : « والله ما نالت منّي قريش إلاّ بعد موت أبي طالب ، وإنّ الله أوحى إليَّ أن أخرج منها فقد مات ناصرك » (١) ، فهاجر من مكّة في يومه.
__________________
١ ـ تلفيق بين حديثين أوله في تاريخ دمشق ٦٦ : ٣٣٨ ، والثاني في البحار ٢٢ : ٢٦١. وقد كتب العلماء من السنّة والشيعة كتباً عديدة لإثبات إيمان أبي طالب عليهالسلام وأنّ السياسة الأموّية هي التي كفرّته لا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا دينه الحنيف ، ومن تلك المؤلّفات كتاب ( أسنى المطالب في نجاة أبي طالب ) للعالم الشافعي الكبير أحمد بن زيني دحلان ، قال في مقدّمة كتابه : ١٥ : ( فيقول العبد الفقير خادم طلبة العلم بالمسجد الحرام ، كثير الذنوب والآثام ، المرتجى من ربّه الغفران أحمد بن زيني دحلان : قد وقفت على تأليف جليل للعلاّمة النبيل مولانا السيّد محمّد بن رسول البرزنجي المتوفّى سنة ألف ومائة وثلاثة في نجاة أبوي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وذيّله في آخره بخاتمة أبي طالب عمّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأثبت نجاته.
وأقام أدلّة على ذلك وبراهين من الكتاب والسنّة وأقوال العلماء يحصل لمن تأملها أنّه ناج بيقين ، مع بيان معان صحيحة للنصوص التي تفضي خلاف ذلك