نعم ، هذا هو الواقع الذي يجهله أكثر الناس مع الأسف ، فكم من إنسان يُعادي الحقّ ويُعانده ردحاً من عمره ، حتّى يكتشف في يوم من الأيام أنّه على خطأ فيُسارع بالتوبة والاستغفار ، وهذا هو واجب كلّ إنسان فقد قيل : « الرجوع للحقّ فضيلة ».
وإنّما المصيبة في الذين يرون الحقّ عياناً ويلمسونه بأيديهم ، ثمّ يقفون ضدّه ويحاربونه من أجل أغراض خسيسة ، ودنيا دنيئة ، وأحقاد دفينة.
وهذا النمط من الناس قال في حقّهم ربّ العزّة والجلالة : ( وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ) (١).
فلا فائدة في تضييع الوقت معهم ، وحرق الأعصاب من أجلهم ، وإنّما الواجب علينا أن نضحّي بكلّ شيء مع أُولئك المنُصفين الذين يبحثون عن الحقّ ، ويبذلون جهدهم للوصول إليه ، والذين قال في حقهم ربّ العزّة والجلالة : ( إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَة وَأَجْر كَرِيم ) (٢).
فعلى المستبصرين من الشيعة في كلّ مكان أن ينفقوا من أوقاتهم ومن أموالهم في سبيل التعريف بالحقّ لكلّ أبناء الأُمّة الإسلامية ، فلم يكن أئمّة أهل البيت حكرة على الشيعة وحدهم ، إنمّا هم أئمّة الهدى ومصابيح الدّجى لكلّ المسلمين.
وإذا بقي الأئمّة من أهل البيت مجهولين لدى عامّة المسلمين ، وخصوصاً
__________________
١ ـ يس : ١٠.
٢ ـ يس : ١١.