تعرف أنّه لا يعذِّب بالنار إلاّ الله ، فلماذا أقسمتَ غداة وفاة الرسول لتحرقنّ بيت الزهراء بمن فيها أو يخرجوا للبيعة ، ولولا تسليم علي وأمره الجماعة بالخروج للبيعة لنفّذت فيهم مُرادك؟!
وإن الشكّ يُداخلني بعض الأوقات فاستبعد أن يكون عمر يُعارضُ أبا بكر فلا يلتفتُ إليه وإلى معارضته ، فهذا غريبٌ! وقد رأينا أبا بكر لا يقفُ بوجه عمر ولا يثبت أمام معارضته حتّى قال له غير مرّة : « لقد قلتُ لك بأنّك أقوى منّي على هذا الأمر فغلبتني » (١)! ومرّة أُخرى لما اشتكى إليه المؤلّفة قلوبهم فِعْلَ عمر بالكتاب الذي كتبه إليهم وأنّه بصق فيه ومزّقه ، وسألوه : أأنت الخليفة أم عمر؟ فقال : بل هو إن شاء الله (٢)!!
ولذلك أقول : لعلّ المُعارض لَه في أفعال خالد البَشِعة هو علي بن أبي طالب ، ولكنّ المؤرّخين الأوّلين والرواة كانوا كثيراً ما يتحاشون ذكر اسمه فأبدلوه بعمر ، كما وردت بعض الروايات المسندة إلى أبي زينب أو إلى رجل ، ويقصدون به علياً ولا يصرّحون بذلك.
وليس هذا إلاّ مجرّد احتمال ، أو أنّنا نقبل قول بعض المؤرّخين بأنّ عمر ابن الخطّاب كان يبغض خالداً ، ولا يطيق رؤيته لأنّه يغار منه ، فقد استهوى خالد قلوب الناس بما حقّقه من انتصارات ، ويُقال بأنّ خالداً صارع عُمر في الجاهلية فغلبه وكَسَر رجله.
والمهمّ أنّ عمر عزل خالداً يوم تولّى الخلافة ، ولكن لم يُقم عليه الحدّ
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٢ : ٥٩.
٢ ـ النص والاجتهاد : ٤٣ ، عن الجوهرة النيرة على مختصر القدوري : ١٦٤.