والشاهد على ذلك أنّ عليّ بن أبي طالب ظفر بهم ، وانتصر عليهم ، وأسَرَ الأغلبية منهم ، وفيهم عبد الله بن الزبير نفسه ، ولكنّه عفا عنهم جميعاً وأطلق سراحهم ، وأكرم عائشة بأن سترها وأرجعها إلى بيتها في المدينة ، كما منع أصحابه من أخذ الغنائم وسبي النساء والأطفال ، والإجهاز على جريح ، حتى سبَّب له ذلك تمرّد بعض الجيش عليه والتشكيك في أمره.
فعلي عليهالسلام هو محض السنّة النبويّة ، وهو العارف بكتاب الله ولا أحد يعرفه سواه ، فقد ثارت ثائرة بعض المنافقين المندسين في جيشه وألَّبوا عليه ، وقالوا : كيف يبيح لنا قتالهم ويحرّم علينا سبي نسائهم؟
واغترَّ بهذا القول كثير من المقاتلين غير أنّه ( سلام الله عليه ) احتجّ عليهم بكتاب الله وقال لهم : اقترعوا على من يأخذ منكم أُمّه عائشة! وعند ذلك أدركوا أنّه على الحقّ ، فقالوا نستغفر الله لقد أصبت وأخطأنا.
فقول عبد الله بن الزبير كذب وبهتان مبين ؛ لأنّ بغضه لعليّ عليهالسلام أعمى بصره وبصيرته وأخرجه عن الإيمان ، ولم يتُب ابن الزبير بعد ذلك ، ولم يتّخذ من تلك الحرب دروساً ومواعظ يستفيد منها.
كلاّ إنّه قابل الحسنة بالسيئة ، وازداد حقده وبغضه لبني هاشم ، ولسيّد العترة الطاهرة ، وعمل كلّ ما في وسعه لإطفاء نورهم والقضاء عليهم.
فقد روى المؤرّخون بأنّه وبعد مقتل الإمام علي عليهالسلام قام يدعو لنفسه بإمارة المؤمنين ، والتف حوله بعض الناس وقويت شوكته ، فعمل على سجن محمّد بن الحنفية ، ولد الإمام علي عليهالسلام ، وكذلك الحسن بن علي ومعهم سبعة عشر رجلا من بني هاشم ، وأراد أن يحرقهم بالنار فجمع على باب الحبس