الأدلّة على ذلك قريباً إن شاء الله.
وبناءً على ذلك يفهم المتتبع أيضاً بأنّ الشيعة لم يصحِّحوا أيّ كتاب من كتب الحديث عندهم ، أو يعطوه قدسية تجعله بمثابة القرآن ، كما هو الحال عند « أهل السنّة والجماعة » الذين يصحّحون كلّ الأحاديث التي رواها البخاري ومسلم ، رغم أنّ فيهما مئات الأحاديث التي تتناقض مع كتاب الله.
ويكفيك أن تعرف بأنّ كتاب الكافي عند الشيعة رغم جلالة قدر مؤلّفه محمّد بن يعقوب الكليني وتبحّره في علم الحديث ، إلاّ أن علماء الشيعة لم يدّعوا يوماً بأنّ ما جمعه كلّه صحيح (١) ، بل هناك من علمائهم من طرح أكثر من نصفه وقال بعدم صحتها ، بل إنّ مؤلّف ( الكافي ) لا يقول بصحّة كلّ الأحاديث التي جمعها في الكتاب (٢).
__________________
١ ـ سوى شرذمة من الإخباريين المتعبدين بحرفية النصوص من غير فحص وتدقيق.
٢ ـ ولذا لما شكى إليه بعض إخوانه ـ في رسالة كتبها ـ أشكل عليه من الحقائق لاختلاف الأخبار ، وطلب منه تدوين كتاب يجمع فيه جميع فنون علم الدين بالآثار الصحيحة ، لم يقل في جوابه بأنّي دوّنت لك ذلك وكلّ ما أوردته صحيح لا مرية فيه ، بل ذكر له بأنّ الأئمة عليهمالسلام وضعوا قواعد لحلّ اختلاف الأخبار كالعرض على القرآن ، وأنّه سيعمل على هذا المنهاج ، لكن مع هذا لم يدّع توفيقه مائة بالمائة لتدوين الآثار الصحيحة فقط ، ولذا اعترف بالتقصير وقال له : « وقد يسّر الله تأليف ما سألت وأرجو أن يكون بحيث توخّيت ، فمهما كان من تقصير فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة ... » ، مضافاً إلى أنّ الشيخ الكليني في كتابه ( الكافي ) عقد باباً بعنوان ( الأخبار المتعارضة ) أو ( الأخبار المختلفة ) وبيّن فيه أن الأئمة عليهمالسلام أمروا بالرجوع في هذه الحالة إلى القرآن أو المشهور أو غير ذلك.