ولعلّ كلّ ذلك ناتج عن سيرة الخلفاء عند كلّ فرقة منهم ، فـ « أهل السنّة والجماعة » اقتدوا بأئمة يجهلون أحكام القرآن والسنّة ، أو يعرفونها ولكنّهم اجتهدوا بآرائهم ، وخالفوا تلك النصوص لعدّة أسباب أوضحنا البعض منها في أبحاث سابقة.
أمّا الشيعة فإنّهم اقتدوا بأئمة العترة الطاهرة الذين هم عدل القرآن وترجمانه ، لا يخالفونه ولا يختلفون فيه.
( أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَة مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ) (١).
صدق الله العلي العظيم
__________________
وهذا دليل على أنّه لا يشهد بصحة كتابه ولا يؤمن به ، إذ لو كان كلّ ما في الكتاب صحيحاً فلا معنى لعقد باب التعارض والاختلاف بين الأخبار ، فهذا شاهد آخر على عدم اعتقاد المؤلّف بصحة جميع ما في الكتاب.
ثمّ لو سلّمنا جدلا بأنّ الكليني اعترف بصحّة جميع ما أورده في الكافي ، لكن يبقى شيء واحد وهو أنّ اصطلاح الصحيح يختلف عند المتقدّمين والمتأخّرين من علمائنا ، فعند المتقدّمين هو كلّ حديث حصل الوثوق بصدوره عن المعصوم وإن لم يكن الراوي عدلا إمامياً ، فلذا نرى الكليني كثيراً ما يروي عن الفطحية والزيدية والواقفية ، وأمّا الصحيح عند المتأخّرين ما رواه العدل الإمامي عن العدل الإمامي.
١ ـ هود : ١٧.