شجعانهم ، وهشَّم أنوفهم ، حتى أذعنوا للحق وهم كارهون ، وهو سيف الله ؛ لأنّه لم يهرب من معركة أبداً ، ولم يخشَ من مبارزة قط ، وهو الذي فتح خيبر وقد عجز عنها أكابر الصحابة ورجعوا منهزمين.
لقد قامت السياسة من أوّل خلافة على عزله وتجريده من كلّ فضل وفضيلة ، ولمّا جاء معاوية للحكم ذهب أشواطاً بعيدة فعمل على لعن علي وانتقاصه ، وعلى رفع شأن مناوئيه ، ونسب إليهم كلّ فضائله وألقابه زوراً منه وبهتاناً ، ومن يقدر في ذلك العهد على تكذيبه أو معارضته؟ وقد وافقوه على سبِّه ولعنه والبراءة منه ، وقد قلَّب أتباعه من « أهل السنّة والجماعة » كلّ الحقائق ظهراً على عقب ، فأصبح عندهم المنكر معروفاً والمعروف منكراً ، وأصبح علي وشيعته هم الزنادقة والخوارج والروافض ، فاستباحوا بذلك لعنهم وقتلهم ، وأصبح أعداء الله ورسوله وأهل بيته هم « أهل السنّة »! فاقرأ واعجب ، وإن كنت في شك من هذا فابحث ونقِّب.
( مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ) (١).
صدق الله العلي العظيم
__________________
١ ـ هود : ٢٤.