هذا رأينا في حملة الحديث من الصحابة ، والكتاب والسنّة هما بيِّنتنا على هذا الرأي ، كما هو مفصّل في مظانّه من أُصول الفقه ، لكنّ الجمهور بالغوا في تقديس كلّ من يسمّونه صحابياً حتى خرجوا عن الاعتدال ، فاحتجّوا بالغثّ منهم والسمين ، واقتدوا بكلّ مسلم سمع من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو رآه اقتداءً أعمى ، وأنكروا على من يخالفهم في هذا الغلو ، وخرجوا في الإنكار على كلّ الحدود.
وما أشدّ إنكارهم علينا حين يروننا نردّ حديث كثير من الصحابة مصرّحين بجرحهم ، أو بكونهم مجهولي الحال ، عملا بالواجب الشرعي في تمحيص الحقائق الدينية ، والبحث عن الصحيح من الآثار النبويّة.
وبهذا ظنّوا الظنون ، فاتهمونا بما اتهمونا رجماً بالغيب ، وتهافتاً على الجهل ، ولو ثابت إليهم أحلامهم ، ورجعوا إلى قواعد العلم ؛ لعلموا أنّ أصالة العدالة في الصحابة ممّا لا دليل عليها ، ولو تدبّروا القرآن الحكيم لوجدوه مشحوناً بذكر المنافقين منهم ، وحسبك منه سورة التوبة والأحزاب ... » (١) إنتهى كلام شرف الدين.
ويقول الدكتور حامد حفني داود ، أُستاذ كرسي الأدب العربي ، ورئيس قسم اللغة العربية بجامعة عين شمس بالقاهرة : » أمّا الشيعة فيرون أنّ الصحابة كغيرهم تماماً ، لا فرق بينهم وبين من جاء بعدهم من المسلمين إلى يوم القيامة ، وذلك من حيث خضوعهم لميزان واحد هو ميزان العدالة الذي توزن به أفعال الصحابة ، كما توزن به أفعال من جاء بعدهم من الأجيال ،
__________________
١ ـ أجوبة مسائل جار الله : ١٤.