ويكفينا مثل واحد من أعمال بعض الصحابة المنافقين التي كشفها الله سبحانه وفضح أصحابها ، وكانوا اثني عشر رجلا من الصحابة تذرَّعوا ببعد المسافة ، وأن الوقت لا يسعهم للحضور مع النبيّ ، فبنوا مسجداً لأداء الصلاة في وقتها ، فهل ترى إخلاصاً ووفاءً أكبر من هذا؟ أن يصرف العبد أموالا طائلة لبناء مسجد حرصاً منه على أداء فريضة الصلاة في وقتها ، وفي جماعة يجمعهم مسجد واحد؟
ولكن الله سبحانه الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، علم سرائرهم وما تخفي صدورهم ، فأوحى إلى رسوله بأمرهم ، وأطلعه على نفاقهم بقوله : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الحُسْنى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ) (١).
وكما أنّ الله لا يستحي من الحقّ فكذلك رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان يقول لأصحابه صراحة بأنّهم سيتقاتلون على الدنيا ، وأنّهم سيتبعون في الضلالة سنن اليهود والنصارى شبراً بشبر وذراعاً بذراع ، وأنّهم سينقلبون بعده على أدبارهم ويرتدون ، وأنّهم يوم القيامة سيدخلون إلى النار ، ولا ينجو منهم إلاّ القليل الذي عبَّر عنه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بهمل النعم ، وأنّهم وأنّهم ...
فكيف يحاول « أهل السنّة والجماعة » إقناعنا بعد كلّ هذا بأنّ الصحابة كلّهم عدول ، وأنّهم في الجنّة جميعاً ، وأنّ أحكامهم ملزمة لنا ، وأنّ آراءهم
__________________
١ ـ التوبة : ١٠٧.