__________________
وقال ابن قيم الجوزيّة في أعلام الموقعين ١ : ٢١ في كلامه حول انتشار العلم وعمّن مأخذه ، ونفي وجود أي دور لعلي بن أبي طالب عليهالسلام : « والدين والفقه والعلم انتشر في الأُمّة عن أصحاب ابن مسعود ، وأصحاب زيد بن ثابت ، وأصحاب عبد اللّه بن عمر ، وأصحاب عبد اللّه بن عباس ، فعلم الناس عامته عن أصحاب هؤلاء الأربعة ، فأمّا أهل المدينة فعلمهم عن أصحاب زيد بن ثابت وعبد اللّه بن عمر ، وأمّا أهل مكّة فعلمهم عن أصحاب عبد اللّه بن عباس ، وأمّا أهل العراق فعلمهم عن أصحاب عبد اللّه بن مسعود ».
فنفى وجود علم لعلي بن أبي طالب عليهالسلام أو تلامذة حملت علمه وأدته إلى الناس ، ولأجل هذا الحيف الذي صدر من ابن القيّم الجوزيّة في حقّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، والذي لازم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم طيلة حياته وبقي بعده مدّة غير قليلة .. لأجل ذلك علّق الإمام محمّد أبو زهرة على هذا الكلام قائلا :
« ثمّ إنّ هناك عليّ بن أبي طالب الذي مكث نحواً من ثلاثين سنة بعد أن قبض اللّه تعالى رسوله إليه ، يفتي ، ويرشد ويوجّه ، وقد كان غواصّاً طالباً للحقائق ، وقد أقام في الكوفة نحو خمس سنوات ، ولابدّ أنّه ترك فيها فتاوى وأقضية وكان فيها المنفرد بالتوجيه والارشاد ، وأنّه عرف بغزارة في العلم كرم اللّه وجهه ، وعمق وانصراف إلى الإفتاء في مدّة الخلفاء قبله ، والمشاركة في كلّ الأُمور العميقة التي تحتاج إلى فحص وتقليب للأُمور من كلّ وجوهها ، مع تمحيص وقوّة واستنباط.
وإنّه يجب علينا أن نقرّ هنا أنّ فقه علي وفتاويه وأقضيته لم ترو في كتب السنّة بالقدر الذي يتّفق مع مدّة خلافته ، ولا مع المدّة التي كان منصرفاً فيها إلى الدرس والإفتاء في مدّة الراشدين قبله. وقد كانت حياته كلّها للفقه وعلم الدين ، وكان أكثر الصحابة اتصالاً برسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فقد رافق الرسول وهو صبيّ قبل أن يبعث عليهالسلام ، واستمرّ معه إلى أن قبض اللّه تعالى رسوله إليه ، ولذا كان يجب أن يذكر له في كتب السنّة أضعاف ما هو مذكور فيها.