بالبحث عن الحقّ ، فأدركوه واستبصروا ونبذوا ما كانوا عليه من عقيدة « السلف الصالح ».
فالعلماء من « أهل السنّة والجماعة » يُدركون هذا الخطر الذي يهدّد كيانهم بالذّوبان ، فإذا أعيتهم الحيلة وصل الأمر بالبعض منهم أن حرّم على أتباعه ومقلّديه أن يجلسوا مع الشيعة أو يجادلوهم ، أو يتزوّجوا منهم أو يزوّجوهم ، أو يأكلوا من ذبائحهم.
ويُفهم من موقفهم هذا بأنّهم أبعد ما يكونون عن السنّة النبويّة ، وهم أقرب ما يكونون من سنّة بني أُميّة الذين عملوا بكلّ جهودهم على إضلال الأُمّة المحمّدية بأيّ ثمن ؛ لأنّ قلوبهم لم تخشع لذكر الله وما نزل من الحقّ ، ودخلوا في الإسلام وهم كارهون.
وهذا ما عبّر عنه إمامهم معاوية بن أبي سفيان الذي قتل خيار الصحابة من أجل الوصول إلى الحكم فقط ، فقد قال في أول خطبة له :
« إنّي لم أقاتلكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا ، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم ، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون » (١).
وصدق الله إذ يقول : ( إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) (٢).
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦ : ١٤.
٢ ـ النمل : ٣٤.