ولم يقع غلط في الحكمة الإلهية ، وفي الحكمة الطبيعية ، وفي علم الكلام ، وعلم أُصول الفقه ، والفقه ، كما لم يقع في علم الحساب ، وفي علم الهندسة.
وإذا عرفت ما مهّدناه من الدقيقة الشريفة فنقول : إن تمسّكنا بكلامهم عليهمالسلام فقد عُصمنا من الخطأ ، وإن تمسّكنا بغيرهم عليهمالسلام لم نُعصم عنه ، ومن المعلوم أنّ العصمة من الخطأ أمر مطلوب مرغوب فيه شرعاً وعقلاً ؛ ألا ترى أنّ الإمامية استدلّت على وجوب عصمة الإمام بأنّه لولا العصمة للزم أمره تعالى باتّباع الخطأ ، وهو قبيح عقلاً.
وأنت إذا تأمّلت في هذا الدليل علمت أنّ مقتضاه أنّه لا يجوز الاعتماد على الدليل الظنّي في أحكامه تعالى أصلاً ، سواء كان ظنّي الدلالة ، أو ظنّي المتن ، أو ظنّيهما.
والعجب كلّ العجب أنّ جمعاً من الأفاضل القائلين بصحّة هذا الدليل رأيتهم قائلين بجواز العمل بالدليل الظنّي ، ونبّهتهم على تنافي لازميهما فلم يقبلوا ، فقلت في نفسي :
إذا لم يكن للمرء عين صحيحة |
|
فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر |
ثم قال : فائدة شريفة نافعة ، فيها توضيح لما اخترناه ، من أنّه لا عاصم عن الخطأ في النظريات التي مبادئها بعيدة عن الإحساس إلاّ التمسّك بأصحاب العصمة (صلوات الله عليهم) وهي أن يقال : إنّ الاختلافات الواقعة بين الفلاسفة في علومهم ، والواقعة بين علماء الإسلام في العلوم الشرعية ، السبب فيها. إلى أن قال : وبالجملة سبب الاختلاف إمّا إجراء الظنّ مجرى القطع ، أو الذهول والغفلة عن بعض الاحتمالات ،