الله سبحانه ، فإنّها هي المستقرّة في ذمة المستأجر عنه فالاجرة في مقابلة المجموع لا الصلاة حاصلة ليحصل منافاة الاجرة (١) للقربة. والفرق لطيف يحتاج إلى مزيد تأمّل.
وتوضيحه أن النيّة مشتملة على قيود ، منها كون الفعل خالصا لله سبحانه ، ومنها كونه أداء أو قضاء عن نفسه أو عن غيره تبرّعا أو باجرة. وكل من هذه القيود الأخيرة غير مناف لقيد الإخلاص ، والاجرة فيما نحن فيه إنما وقعت أوّلا وبالذات بإزاء القصد الثاني ـ أعني : النيابة عن زيد مثلا ـ بمعنى أنه استؤجر على النيابة عن زيد في الإتيان بهذه الفريضة المتقرّب بها ، وقيد القربة على حاله ، وفي محله لا تعلق للإجارة به إلّا من حيث كونه قيدا للفعل المستأجر عليه.
نعم ، لو اشترط في النيابة عن الغير التقرب زيادة على التقرب المشروط في صحّة العبادة ، اتّجه منافاة الاجرة لذلك ، إلّا إنه ليس بشرط إجماعا.
وبالجملة ، فإن أصل الصلاة مقصود بها وجهه سبحانه ، ولكن الحامل عليها والباعث عليها مع التقرّب هو هذا المبلغ الذي قرر له. ولذلك نظائر في الشرع توجب دفع الاستبعاد مثل صلاة الاستسقاء وصلاة الاستخارة ، وصلاة الحاجة ، وصلاة طلب الولد وطلب الرزق ونحو ذلك ، فإن أصل الصلاة مقصود بها وجهه سبحانه ، ومتقرب بها إليه ، ولكن الباعث عليها هو أحد هذه الأغراض المفصّلة ، يعني أنه يأتي بالصلاة خالصة لوجهه سبحانه لأجل هذا الغرض الحامل عليها.
فإن قيل : إن هذا ممّا قام الدليل على صحّته وورود الخبر به دون (٢) موضع النزاع.
__________________
(١) في «ح» : والأجرة ، بدل : فالأجرة في مقابلة. الاجرة.
(٢) في «ح» : بخلاف.