بلوغه صلىاللهعليهوآله مرتبة لا تكاد تقبل الزيادة ، من (١) الاطلاع على عالم الملكوت وأسرار الجبروت ، وما في السماوات من عجائب الصنع وآثار القدرة الباهرة والجنّة والنار وما فيهما ، ومشاهدة أنوار العظمة الإلهيّة ، وقربه كقاب قوسين أو أدنى كما أفصحت به (٢) الآية القرآنية. ومن راجع الأخبار المذكورة وما اشتملت عليه من الأسرار ولا يخفى عليه صحّة ما قلناه.
نعم ، التزايد كان يحصل له باعتبار علوم الحوادث والقضايا ، لا باعتبار المعارف الإلهية.
وثانيا : أن جلّ علمائنا قد صرّحوا بمنع التقليد في المعارف الإلهيّة لسائر الناس ، فكيف يجوز بالنسبة إلى أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ مع أن مرآة نفسه القدسيّة أشرف المرايا وأجلاها لاستشراق أنوار تلك المعارف من الجناب الأقدس ، كما صرّحوا به بالنسبة إلى أصحاب الرياضات ، المستعدين للسلوك ، وهو سيّد المرتاضين وإمام السالكين ومقدام الواصلين؟ فكيف تكون معارفه التي من جملتها هذه المرتبة إنّما هي مأخوذة بالتقليد والتعليم؟
وأما الحديث الذي استند إليه فظاهر الأخبار تدلّ على اختصاصه بعلوم الشريعة وأخبار القصص والملاحم ونحو ذلك ممّا كان أو سيكون إلى يوم القيامة ، لا (٣) بالنسبة إلى المعارف الإلهيّة.
وأمّا الرابع ـ وهو ما ذكره شيخنا المشار إليه آنفا ـ فقد عرفت ما فيه ، وكذلك الوجوه الثلاثة التي ذكرها فإنها لا تخلو من غموض وخفاء وتكلف لا يخفى.
والذي يظهر لي في الجمع بين هذه الأخبار هو أن هذه المرتبة التي ذكرها أمير المؤمنين عليهالسلام هي المرتبة التي طلب الرسول صلىاللهعليهوآله الزيادة فيها ، فتكون هذه
__________________
(١) في «ح» : مع.
(٢) من «ح».
(٣) في «ح» : و.