مصفرا لونه قد نحف جسمه وغارت عيناه في رأسه ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : «كيف أصبحت يا فلان؟». قال : أصبحت يا رسول الله موقنا. فعجب رسول الله صلىاللهعليهوآله من قوله : وقال له : «إن لكل يقين حقيقة ، فما حقيقة يقينك؟». فقال : إن يقيني يا رسول الله هو الذي أحزنني (١) وأسهر ليلي وأظمأ هواجري ، فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها حتى كأني أنظر إلى عرش ربّي وقد نصب للحساب ، وحشر [الخلائق] لذلك وكأني فيهم ، وكأنّي أنظر إلى أهل الجنّة يتنعّمون على الأرائك متكئون ، وكأنّي أنظر إلى أهل النار وهم فيها معذّبون يصطرخون ، وكأنّي الآن أسمع زفير النار يدور في مسامعي. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لأصحابه : «هذا عبد نوّر الله قلبه بالإيمان» (٢) الحديث.
وروى في الكتاب المذكور أيضا حديثا آخر بهذا المضمون عنه صلىاللهعليهوآله مع حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري (٣).
وأنت خبير بأن ظاهر كلام أمير المؤمنين عليهالسلام اختصاص هذه المرتبة به دون سائر الناس ، فإن كلامه في مقام الافتخار ببلوغ هذه المرتبة الّتي لا رتبة أعلى منها ولا يصلها سواه وسوى أبنائه الطاهرين ، صلوات الله عليهم أجمعين.
وأمّا الثاني ـ وهو المنقول عن العلّامة ـ فقد عرفت ما فيه ممّا أشار إليه بعض مشايخنا المتقدّم ذكره.
وأمّا الثالث ـ وهو ما ذكره المحدّث السيّد نعمة الله قدسسره ـ ففيه :
أوّلا : أن ما ذكره من تزايد معرفته صلىاللهعليهوآله يوما فيوما على الوجه الذي ذكره وإن كان لحديث اطّلع عليه ، وإلا فأخبار الأسرار بظاهرها تردّه ؛ لدلالتها على
__________________
(١) في «ح» : أخوفني.
(٢) الكافي ٢ : ٥٣ / ٢ ، باب حقيقة الإيمان واليقين.
(٣) الكافي ٢ : ٥٣ / ٢ ، باب حقيقة الإيمان واليقين.