الامور المنافية لذلك المضادّة له ، فإن النفس إنما تنبعث إلى الفعل وتقصده وتميل إليه تحصيلا للغرض الملائم لها بحسب ما يغلب عليها من الصفات.
فإذا غلب على قلب المدرس مثلا حب الشهرة وإظهار الفضيلة وإقبال الطلبة عليه وانقيادهم إليه ، فلا يتمكّن من التدريس بنيّة التقرّب إلى الله سبحانه بنشر العلم وإرشاد الجاهلين ، بل لا يكون تدريسه إلّا لتحصيل تلك المقاصد الواهية والأغراض الفاسدة ، فإن قال بلسانه : ادرّس قربة إلى الله وتصوّر ذلك بقلبه وأثبته في ضميره ما دام لم يقلع تلك الصفات الذميمة من قلبه [فـ] لا عبرة بنيّته أصلا.
وكذلك إذا كان قلبك عند نيّة الصلاة منهمكا في امور الدنيا والتهالك عليها والانبعاث في طلبها ، فلا يتيسر لك توجيهه بكليّته إلى الصلاة وتحصيل الميل الصادق إليها والإقبال الحقيقي عليها ، بل يكون دخولك فيها دخول متكلّف لها متبرّم بها ، ويكون قولك : أصلّي قربة إلى الله ، كقول الشبعان : أشتهي الطعام ، وقول الفارغ : أعشق فلان مثلا.
والحاصل ، أنه لا يحصل لك النيّة الكاملة المعتدّ بها في العبادات من دون ذلك الميل والإقبال وقمع ما يضاده من الصوارف والأشغال ، ولا يتيسّر إلّا إذا صرفت قلبك عن (١) الامور الدنيويّة ، وطهرت نفسك من الصفات الذميمة الدنيّة ، وقطعت نظرك عن حظوظك العاجلة بالكليّة.
ومن هنا يظهر أن النيّة أشقّ من العمل بكثير ، فتكون أفضل منه ، وتبيّن لك قوله صلىاللهعليهوآله : «أفضل الأعمال أحمزها» غير مناف لقوله عليهالسلام : «نيّة المؤمن خير من عمله» ، بل هو كالمؤكد والمقرر له) (٢) انتهى ما ذكره شيخنا البهائي ملخصا.
وهاهنا وجوه اخر ذكرها بعض العامة أيضا وغيرهم :
__________________
(١) من «ح» والمصدر ، وفي «ق» : من.
(٢) الأربعون حديثا : ٤٥١ ـ ٤٥٤ / شرح الحديث : ٣٧.