ومنها أن نيّة المؤمن بجملة الطاعات خير من عمله (١) ، يعني عملا واحدا ونيّة الفاجر كذلك ، فالنيّة دائمة والعمل مؤقّت ، والدائم خير من المؤقّت.
ومنها أن العمل يوجد بالنيّة (٢) لا النيّة بالعمل.
ومنها أن سبب هذا الحديث ، أن رجلا أنصاريا نوى أن يعمل جسرا كان على باب المدينة قد انهدم فسبقه يهودي فعمله فاغتم الأنصاري لذلك فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «نيّة المؤمن خير من عمله» ، يعني اليهودي (٣).
ومنها أن المراد من النيّة : الإرادة ، بمعنى إرادته وإخلاصه لجميع الأعمال خير من عمله.
ومها أن نيّته ألّا يرجع عن الإيمان خير من عمله ، والكافر على ضدّه.
ومنها نيّة المؤمن على أن يزداد خيرا إن قدر خير من عمله ، وكذا نيّة الفاجر. انتهى.
ولا يخفى أن بعض هذه المعاني يرجع إلى بعض ما سبق وإن كان فيه نوع مغايرة في الجملة.
ومنها ما ذكره بعض أفاضل متأخّري المتأخّرين وهو أن «خير» و «شر» منصوبان على أنهما مفعولا فيه ، وكأن وجه حذف الألف منهما تبادر كونهما صيغتي تفضيل ، وأنهما خبرا المبتدأين ، فوقع فيهما تحريف ، والمعنى أن المؤمن إذا نوى خيرا وإن لم يفعله كان ذلك محسوبا من جملة أعماله ، والكافر إذا نوى شرا كان ذلك من أعماله فيثاب المؤمن بذلك ويعاقب الكافر به.
وفيه تنبيه على أن هذا من العمل الذي في قوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٤). وفي تنكير «خير» و «شرّ» في
__________________
(١) إحياء علوم الدين ٤ : ٣٦٦ ـ ٣٦٧.
(٢) الكافي ٢ : ٨٤ / ١ ، باب النية.
(٣) الأنوار النعمانيّة ٢ : ٣٥٢.
(٤) الزلزلة : ٧ ـ ٨.