الحديث دلالة على أن كلّا منهما وإن كان قليلا يكتب له وعليه.
وقد دلّ الحديث الذي نقله الشهيد رحمهالله على أن المؤمن يكتب له الحسنة بمجرد النية ولا يعد في كون السيّئة تكتب على الكافر بمجرّد النيّة.
وبالجملة ، فإن كان ما تكلم به العلماء على هذا الحديث بعد ثبوته عندهم بالنقل مرفوعا ، وإلّا فهذا وجه وجيه.
واعلم أنه على تقدير النصب يكون «نيّة» مصدرا مضافا إلى الفاعل مبتدءا خبره «من عمله» ، وعلى الرفع يكون اسم مصدر خبره «شر» و «خير») (١) انتهى.
أقول : والذي وقفت عليه من الأخبار ممّا يصلح أن يكون تفسيرا لهذا الخبر ، منه ما رواه في (الكافي) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّما خلد أهل النار لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا ، وإنّما خلد أهل الجنّة لأنّ نيّاتهم في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا ، فبالنيّات خلّد هؤلاء وهؤلاء ـ ثمّ تلا قوله تعالى ـ (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) (٢)» (٣).
أقول : وهذا الخبر يؤكد (٤) المعنى الأخير من المعاني التي نقلها شيخنا الشهيد ، وهو الذي قبل الثلاثة التي ذكر أنها من سوانحه ، وهو الذي نسبه إلى بعض العلماء.
ومنها ما رواه شيخنا الصدوق رحمهالله في كتاب (العلل والاحكام) بسنده إلى زيد الشحام قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إني سمعتك تقول : «نيّة المؤمن خير من عمله» ، فكيف تكون النيّة خيرا من العمل؟ قال : «لأنّ العمل ربّما كان رياء للمخلوقين ، والنيّة خالصة لربّ العالمين ، فيعطي الله على النيّة ما لا يعطي على العمل».
__________________
(١) الدر المنثور من المأثور وغير المأثور ١ : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، وقريب منه ما في الأنوار النعمانيّة ٢ : ٣٥٣.
(٢) الإسراء : ٨٤.
(٣) الكافي ٢ : ٨٥ / ٥ ، باب النية.
(٤) في «ح» : يؤيد.