جلّت كلمته أجبره على الكفر وسلبه القدرة على الإيمان ؛ لأنه فاسد عند أصحابنا باطل بالأدلّة العقليّة القاهرة والآيات المحكمة الباهرة والأخبار المستفيضة عن العترة الطاهرة ، بل لأنه لا بدّ وأن يختار من قبل نفسه الكفر. وعلم الله بذلك تابع للواقع ؛ إذ هو حكاية للمعلوم ، ولا موجب له كما قرّر في علم الكلام ، فلا يكون ذلك مبطلا لقدرة العبد واختياره ، وإلّا لأبطل قدرة الربّ واختياره في فعله ؛ فإنه كان في الآزال عالما بما سيفعله ، فيما لا يزال إمّا واجبا أو ممتنعا ، هذا خلف.
وقد حقّق ذلك المحقّق في (نقد المحصّل) (١). وفي ظواهر الأخبار ما يشهد بهذا القول ، مثل قوله عليهالسلام : «ولد الزنا شرّ الثلاثة» (٢).
ومثل قوله : «لا يبغضك يا علي إلّا ولد زنا» (٣).
ومثل ما رواه ثقة الإسلام في (الكافي) عن أبان بن (٤) أبي عياش عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله حرّم الجنّة على كل فحّاش بذيء قليل الحياء لا يبالي بما قال ولا [ما] قيل له ، فإنّك إذا فتّشته لم تجده إلّا لغية أو شرك شيطان». قيل : يا رسول الله ، وفي الناس شرك شيطان؟ فقال : «ما تقرأ قول الله عزوجل (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) (٥)؟» (٦). فإن ظاهره تحريم الجنة على الصنف المذكور تحريما مؤبّدا.
وقد علّل عليهالسلام ذلك بأنك «إن فتّشته لم تجده إلّا لغية أو شرك شيطان» (٧) ،
__________________
(١) تلخيص المحصّل : ٣٢٨.
(٢) علل الشرائع ٢ : ٢٨٦ / ب ٣٦٣ ، ح ٢ ، وفيه ـ خطابا لابن الزنا ـ : «أنت شرّ الثلاثة».
(٣) كشف اليقين : ٤٧٦ / ٥٧٣.
(٤) في «ق» بعدها : عثمان ، وما أثبتناه وفق «ح» والمصدر.
(٥) الإسراء : ٦٤.
(٦) الكافي ٢ : ٣٢٣ / ٣ ، باب البذاء.
(٧) قيل : يا رسول الله .. شرك شيطان ، من «ح».