ولكن وجد بخطّ شيخنا الشهيد الثاني ـ قدّس الله روحه ـ مسائل نقلها عن المرتضى ـ تغمّده الله برحمته ـ وهذه عبارته : وسئل عن ولد الزنا وما روي فيه من أنه في النار ، وأنه لا يكون من أهل الجنّة ، فأجاب رضياللهعنه : (إن هذه الرواية موجودة في كتب أصحابنا إلّا إنه غير مقطوع بها ، ووجهها ـ إن صحّت ـ أن كل ولد زنية لا بد أن يكون في علم الله أنه يختار الكفر ويموت عليه ، وأنه لا يختار الإيمان ، وليس كونه من ولد الزنية ذنبا يؤاخذ به ، فإن ذلك ليس ذنبا له في نفسه وإنما الذنب لأبويه ، ولكنّه إنما يعاقب بأفعاله الذميمة القبيحة التي علم الله أنه يختارها. ويصير كونه ولد زنا علامة على وقوع ما يستحق من العقاب ، وأنه من أهل النار بتلك الأعمال ، لا لأنه مولود من زنا) ..).
ثم قال السيّد : (وهذا لا ينافي ما حكيناه عنه رحمهالله فإنه قد يذهب في المسألة الواحدة إلى مذاهب مختلفة ، يكون له في كل كتاب من مصنّفاته مذهب من المذاهب. والحقّ أن الأخبار متضافرة في الدلالة على سوء حاله وأنه من أهل النار ، فروى الصدوق رحمهالله بإسناده إلى الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام قال : «ولد الزنا يقول : يا ربّ (١) ما ذنبي فما كان في أمري من صنع» (٢)).
ثم ساق الرواية كما قدّمنا ، ثم قال : (وهذا ممّا لا مسلك فيه للعقول ، وإن أردت تأويل مثل هذا الخبر لينطبق على أقوال الأصحاب فاحمله إلى إرادة ولد الزنا إذا كان مخالفا في المذهب ، مع أن هذه سياسة شرعية أظهرها الشارع للحكم بحكم ومصالح ؛ حتى لا يتجرّأ أحد على الزنا. وله نظائر كثيرة ، مع أن الغالب في ولد الزنا سوء الحال والأعمال ، حتى يكون هو الذي يدخل النار بعمله.
__________________
(١) من «ح» والمصدر.
(٢) علل الشرائع ٢ : ٢٨٦ / ب ٣٦٣ ، ح ٢.