التكليف ؛ لأن التكاليف الشرعيّة إنما كانت تتجدّد شيئا فشيئا ، ولمّا كانت هذه الأشياء ممّا وقع التكليف بها في الامم السالفة خاف رسول الله صلىاللهعليهوآله على امّته أن يكلّفوا بها مع صعوبتها ومشقتها ، فسأل الله سبحانه رفعها عن امّته ، وألّا يكلّفهم بها كما كلّف الامم الماضية ، فأجابه الله تعالى إلى ذلك.
فالاستدلال بالآية على الرفع في الخبر المذكور مبنيّ على سؤاله صلىاللهعليهوآله وإجابته تعالى وإن كان مطويا في الكلام ؛ لمعلوميّته. ودلالة الآية على المؤاخذة بالخطإ والنسيان كما ذكره المعترض إنما هو بالنسبة إلى من تقدم من الامم لا بالنسبة إلى هذه الامّة ، فالرفع وعدم الرفع بالنسبة إلى هذه الامة قبل هذا السؤال غير معلوم.
ومن أوضح الأخبار في المقام ما رواه الطبرسي في كتاب (الاحتجاج) عن الكاظم عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث يذكر فيه مناقب رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «إنه اسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السماوات مسير خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة ، حتّى انتهى إلى ساق العرش ، فدنا بالعلم فتدلّى له من الجنّة رفرف أخضر ، وغشي النور بصره ، فرأى عظمة ربّه عزوجل بفؤاده ولم يرها بعينه ، فكان كقاب قوسين بينهما وبينه أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى فكان فيما اوحي إليه الآية التي في سورة البقرة ، قوله تعالى (لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١).
وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم ـ على نبيّنا وعليهمالسلام ـ إلى
__________________
(١) البقرة : ٢٨٤.