فرجها ، والأتان العضباء ـ يعني الجدعاء ـ فمن أوجس في نفسه منهنّ شيئا فليقل : اعتصمت بك يا ربّ من شرّ ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك». قال : «فيعصم من ذلك» ؛ فإنه مستثنى بالنصّ.
وقد روى ثقة الإسلام في (الكافي) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «الطيرة على ما تجعلها شيئا إن هوّنتها تهوّنت ، وإن شددتها تشدّدت وإن لم تجعلها شيئا (١) لم تكن شيئا» (٢) ، وهو محتمل الرجوع إلى كلّ من الفردين المتقدّمين (٣) أو ما هو أعم ، وحاصله الرجوع إلى الاعتقاد بصحّتها وعدمه. وهذا أمر تجريبي ؛ فإن كثيرا من الامور وإن لم تكن في حدّ ذاتها موجبة لنفع أو ضرّ ، إلّا إنه برسوخ الاعتقاد في ترتيب النفع أو الضر عليها يظهر أثره للمعتقد ذلك.
وكذا في بعض الامور الموجبة للنفع مثل الرقيّ والعوذ ونحوها لو استعملها من غير اعتقاد لم يترتّب عليها نفع غالبا ، وكذا الموجب للضرر أيضا. ومن هذا القبيل ما روي عن أبي الحسن الثاني عليهالسلام أنه كتب إليه بعض البغداديّين يسأله عن الخروج يوم الأربعاء لا يدور (٤) فكتب عليهالسلام : «من خرج يوم الأربعاء لا يدور خلافا على أهل الطيرة وقي من كل آفة ، وعوفي من كلّ عاهة ، وقضى الله له حاجته» (٥).
وروى في (الكافي) أيضا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «كفّارة الطيرة التوكّل» (٦) ، وهذا الفرد ممّا يرجع إلى عدم ترتّب التأثير عليه.
التاسع : التفكّر في الوسوسة في الخلق
وهو ما يخطر في القلب من تطلب أسرار الأقضية والأقدار ، وأنه كيف يصحّ
__________________
(١) إن هوّنتها .. شيئا ، سقط في «ح».
(٢) الكافي ٨ : ١٦٩ ـ ١٧٠ / ٢٣٥.
(٣) من «ح».
(٤) أي آخر أربعاء من الشهر.
(٥) الخصال ٢ : ٣٨٦ ـ ٣٨٧ / ٧٢ ، باب الخمسة.
(٦) الكافي ٨ : ١٧٠ / ٢٣٦.