تعالى (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (١) ـ أخصّ من هذه الأخبار ؛ إذ الآية مقتضية لرد خبر الفاسق سواء كان ممّا يتعلّق بالسنن أو بغيره (٢).
وهذه الأخبار تقتضي ترتّب الثواب على العمل الوارد بطريق عن المعصوم سواء كان المخبر عدلا أو غير عدل ، طابق الواقع أم لا. ولا ريب أن الأوّل أخصّ من الثاني ؛ فيجب تخصيص هذه الأخبار بالآية جريا على القاعدة من العمل بالخاصّ في مورده ، وبالعام فيما عدا مورد الخاصّ. فيجب العمل بمقتضى الآية ـ وهو ردّ الخبر الفاسق ـ سواء كان عن عمل يتضمّن الثواب أو غيره ، ويكون معنى قوله عليهالسلام : «وإن لم يكن كما بلغه ونحوه» إشارة إلى أن خبر العدل قد يكذب ؛ إذ الكذب والخطأ جائزان على غير المعصوم ، والخبر الصحيح ليس بمعلوم الصدق) انتهى كلامه (٣).
وأنت خبير بما فيه :
أمّا الأوّل : فقد ظهر ممّا حرّرناه ضعفه ، على أن الحكم بترتّب الثواب على عمل يساوق رجحانه جزما ؛ إذ لا ثواب على غير الواجب والمستحبّ كما لا يخفى.
وأمّا الثاني : فمرجعه بعد التحري إلى أن الثواب كما يكون للمستحب كذلك يكون للواجب ، فلم خصّصوا الحكم بالمستحبّ؟ كذا قرر السؤال بعض علمائنا المعاصرين (٤). وجوابه أن غرضهم ـ قدّس الله أرواحهم ـ أن تلك الأحاديث إنما تثبت ترتّب الثواب على فعل ورد فيه خبر يدلّ على ترتّب الثواب ، لا أنه يعاقب على تركه وإن صرّح به في الخبر الضعيف ؛ لقصور في حدّ ذاته عن إثبات ذلك الحكم ، وتلك الأحاديث لا تدلّ عليه ، فالحكم الثابت لنا من هذا الخبر بانضمام تلك الأخبار ليس إلّا الحكم الاستحبابي.
__________________
(١) الحجرات : ٦.
(٢) كذا في النسختين والمصدر.
(٣) أي كلام الفاضل المذكور أوّل الدرة.
(٤) بحار الأنوار ٢ : ٢٥٦ ـ ٢٥٧.