حينئذ قد كلّفك علم ما لم يكلّف الله. وهذا حقّ ؛ لأن (الكتاب) والسنّة قد نطقا بصفات الله من كونه عالما قادرا حيّا مريدا سميعا بصيرا).
إلى أن قال : (ثم قال عليهالسلام : إنّ الراسخين في العلم : الّذين عنوا بالإقرار بما عرفوه عن الولوج والتقحم فيما لم يعرفوه ، وهؤلاء هم أصحابنا المعتزلة لا شبهة في ذلك ، ألا ترى أنهم يعلّلون أفعاله بالحكم والمصالح ، فإذا ضاق عليهم الأمر في تفصيل بعض المصالح في بعض المواضع قالوا : نعلم على الجملة أن لهذا وجه حكمة ومصلحة وإن كنّا لا نعرف تفصيل تلك المصلحة ، كما يقولون في تكليف من يعلم الله أنه يكفر ، وكما يقولون في اختصاص الحال الّتي حدث فيها العالم بحدوثه دون ما قبلها وما بعدها؟) (١) انتهى المقصود من نقل كلامه.
أقول : انظر ـ أيّدك الله تعالى ـ إلى هذا المحيل والضالّ الضلّيل ، المستحقّ لمزيد الإهانة والتنكيل ، بتحريف الكلم عن مواضعها وتغميض عينه عند مشاهدة أنوار الحق ولا معها ، فإنه لما كان كلامه عليهالسلام وقوله : «ممّا ليس في الكتاب فرضه ، ولا في سنّة النبي صلىاللهعليهوآله وأئمّة الهدى أثره» ، ظاهرا نيّرا في أن مراده عليهالسلام بأئمّة الهدى هو نفسه وأوصياؤه الأحد عشر ـ صلوات الله عليهم ـ لأنهم هم النقلة الحفظة للسنّة النبويّة ، فما لم يوجد في الكلام (٢) العزيز ولا في كلام الرسول صلىاللهعليهوآله ولا في كلامهم ، فهو ممّا يوكل علمه إلى الله [فغيّر] (٣) العبارة في شرحه ، بل جرحه (٤) ـ حيث كانت ظاهرة في إمامتهم على رغم أنفه ـ تحاملا عليهم وبغضا وعنادا وتعصّبا لأئمّته ، فقال : (فإن لم تجده في (الكتاب) فاطلبه من السنّة ومن مذاهب أيمة (الحقّ ، فغيّر (٥) أيمة الهدى في كلامه عليهالسلام إلى أصحاب المذاهب من أئمّته ، مع أن
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٦ : ٤٠٤ ـ ٤٠٦.
(٢) في «ح» : القرآن.
(٣) في النسختين : غير.
(٤) من «ح» ، وفي «ق» : هرجه.
(٥) من «ح» ، وفي «ق» : قصر.