ومن الظاهر البيّن أنه صلىاللهعليهوآله إنما قرنهم بـ (القرآن) على الوجه المذكور ، وجعل التمسّك بهم معه منجيا من الضلال من حيث إن عندهم دون غيرهم علم محكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وعامّه وخاصّه ، ومطلقه ومقيّدة ، فهم الراسخون في العلم حينئذ دون غيرهم. ويدل على ذلك كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام في هذا الكتاب في غير موضع كما تقدم وسيأتي إن شاء الله تعالى (١).
وثانيا : أن الله سبحانه قد قرن الراسخين في العلم بنفسه في الآية بناء على ما اختاره من التفسير ، وما ذلك إلّا باعتبار العلم بجميع ما نزل في (الكتاب) وادّعاء ذلك للمعتزلة المعزولين عن اللطف الإلهي كذب محض وافتراء بحت.
وأوّل ما فيه أنه لا يخفى مباينة مذاهب المعتزلة وجملة من عقائدهم واصولهم لأئمّة أهل البيت ـ صلوات الله عليهم ـ وأظهر ذلك مسألة الإمامة وما يتفرّع عليها. والقول بأنهم الراسخون في العلم المرادون من كلام الله تعالى وكلام أمير المؤمنين عليهالسلام يوجب تخطئة الأئمّة المعصومين ، والقول بذلك باطل اتّفاقا من المخالف والمؤالف ، وردّ لأخبار الرسول صلىاللهعليهوآله ، لا يرتكبه إلّا زنديق لم يؤمن بالله ولا رسوله.
وثالثا : أن منشأ الشبهة والتوهّم لتخصيصه أصحابه بالراسخين في العلم هو ما ذكره بعد أن اختار عطف (الرّاسِخُونَ) على (اللهُ) من أن جملة (يَقُولُونَ) في موضع نصب على الحال ، أو جملة مستأنفة في موضع الصفة للراسخين (٢).
وفيه أنه لا يخفى أن كلام أمير المؤمنين عليهالسلام في هذه الخطبة (٣) لا ينطبق
__________________
(١) في «ح» : يأتي ، بدل : سيأتي إن شاء الله.
(٢) في موضع الصفة للراسخين ، ليس في المصدر.
(٣) من «ح».