حلّه الآراء والأفكار ، واختلفت في المعنى المراد منه الأفهام (١) والأنظار ، وقد رواه الشيخان الجليلان ثقة الإسلام في (الكافي) (٢) والشيخ في (التهذيب) (٣) إلى قوله : «أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة؟» والصدوق قد زاد قوله : (يعني صيارفة الكلام) إلى آخره. وهذه الزيادة قد نسبها بعضهم للإمام عليهالسلام (٤) ، وبعضهم إلى الراوي (٥) ، وبعضهم إلى الصدوق (٦) ، وهو الظاهر كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى في المقام بما تنقشع به غشاوة الإبهام.
وعلى أيّ من هذه الوجوه فالمعنى المراد من نسبة الصرف إلى أهل الكهف ممّا قد اختلفت فيه ـ لغموضه ـ الأفهام ، وكثرت فيه احتمالات علمائنا الأعلام ، وها نحن نسوق لك جملة ما وقفنا عليه من كلماتهم في هذا المقام ، ونردفه بما وفقنا الله تعالى للوقوف عليه من أخبارهم عليهمالسلام ، التي بها ينحلّ بعض الاشتباه في هذا الكلام وما ظهر لنا من المعنى المراد.
قال المحدّث المولى محسن الكاشاني في كتاب (الوافي) ـ بعد نقل الخبر من (الكافي) ، و (الفقيه) ـ ما صورته : (وفي (الفقيه) في آخر الحديث : (يعني صيارفة الكلام ، ولم يعن صيارفة الدراهم) هذا كلامه (٧) ولم أدر ما عنى به) (٨) انتهى.
وظاهر كلامه قدسسره حمل هذه العبارة على أنها من كلام صاحب (الفقيه) ، ولكنه لم يهتد إلى ما هو المراد منها ، حيث فهم من الخبر كون أهل الكهف صيارفة
__________________
(١) في «ح» : الأفكار.
(٢) الكافي ٥ : ١١٣ / ٢ ، باب الصناعات.
(٣) تهذيب الأحكام ٦ : ٣٦٣ / ١٠٤٠ ، ورواه أيضا في الاستبصار ٣ : ٦٤ / ٢١١.
(٤) انظر الدرر ٣ : ١٩٣ ، ١٩٩ ، وهو ضمن حديث آخر رواه الراوندي في قصص الأنبياء.
(٥) انظر الدرر ٣ : ١٩٤.
(٦) انظر الدرر ٣ : ١٩٢ ، ١٩٤ / الهامش : ٢ ، ١٩٥ ، ١٩٨ ، ٢٠٠.
(٧) من «ح» والمصدر ، وفي «ق» : كلامهم.
(٨) الوافي ١٧ : ١٨٢.