وحينئذ ، فأفراد هذه الكليّة إنّما هي الأفراد المعلوم حلّها ثم يعرض لها ما يوجب الشك في (١) التحريم ، فإنه يجب استصحاب الحكم بحلّها المعلوم أولا حتى يثبت التحريم ، فلا يكتفى في ذلك بالظنّ فضلا عن الشك. والغرض من ذلك بيان سعة الشريعة وسهولتها ودفع (٢) الوساوس الشيطانيّة.
وحينئذ ، فأفرادها الجهل بمعروض الحكم الشرعي ، لا أن (٣) أفرادها الجهل بالحكم الشرعي. ومن أحبّ الوقوف على تحقيق هذا المقام فليرجع إلى الدرّة المشار إليها ، وبذلك يظهر لك عدم اندراج موضع النزاع تحت القاعدة المذكورة.
الثالث : قوله : (وظاهر (الكتاب) لا يأباه) ، فإن فيه ما عرفت سابقا من الوجوه الدالة على بطلان حمل الآية على هذا المعنى ، فظهور هذه (٤) الآية في إباء هذا المعنى ممّا لا يستراب فيه ، كما لا يخفى على من أمعن النظر فيما ذكرناه ، وتأمّل بعين الإنصاف ما حرّرناه ، وبه تكون مخالفتها [موجبة] (٥) للردّ بلا ريب ولا إشكال.
الرابع : قوله : (واحتمال أخبار إطلاق التحريم شدّة الكراهة) ، فإنه بعيد غاية البعد عن سياق تلك الأخبار ، سيّما ما تضمّن منها تفسير الآية ، مع اعتضادها بظاهر الآية ، وعدم صراحة المخالف من الأخبار في المخالفة إلّا الرواية الأخيرة. وما تمسّك به من لزوم طرح المقابل متى عمل على أخبار التحريم مردود بما ذكرنا سابقا من أن الأخبار المقابلة منها ما ليس بصريح في المخالفة ، بل يمكن حمله على تلك الأخبار ، وما [منها] كان صريحا أو ظاهرا يمكن
__________________
(١) الشك في ، سقط في «ح».
(٢) في «ح» : ورفع.
(٣) في «ح» : لأنّ.
(٤) ليست في «ح».
(٥) في النسختين : موجبا.