النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (١). وقال في الفتن التي معناها الاختبار (وَلَقَدْ فَتَنّا سُلَيْمانَ) (٢) ـ الآية ـ وقال في قصة قوم موسى (فَتَنّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السّامِرِيُّ) (٣) وقال موسى (إِنْ هِيَ إِلّا فِتْنَتُكَ) (٤) أي اختبارك ، [فهذه] (٥) الآيات يقاس بعضها ببعض ويشهد بعضها لبعض.
وأما آيات (٦) البلوى [بمعنى] (٧) الاختبار ، فقوله (لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) (٨) ، وقوله (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ) (٩) ، وقوله (إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) (١٠) ، وقوله (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (١١) ، وقوله : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) (١٢) ، وقوله (وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) (١٣) ، وكل ما في القرآن من بلوى هذه الآيات التي شرح أولها فهي اختبار ، وأمثالها في القرآن كثيرة ، فهي إثبات الاختبار والبلوى. إن الله جلّ وعزّ لم يخلق الخلق عبثا ولا أهملهم سدى ولا أظهر حكمته لعبا ، بذلك اخبرني قوله : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) (١٤).
فإن قال قائل : فلم يعلم الله ما يكون من العباد حتى اختبرهم؟
قلنا : بلى ، قد علم الله ما يكون منهم قبل كونه ، وذلك قوله (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) (١٥) ، وإنما اختبرهم ليعلّمهم عدله ولا يعذّبهم إلّا بحجة بعد الفعل ، وقد أخبر
__________________
(١) العنكبوت : ١ ـ ٢. (٢) ص : ٣٤.
(٣) طه : ٨٥. (٤) الأعراف : ١٥٥.
(٥) من المصدر ، وفي «ح» : فمن ، وفي «ق» : واما عن.
(٦) في «ح» : الآيات.
(٧) من المصدر ، وفي النسختين : لبعض.
(٨) المائدة : ٤٨ ، الأنعام : ١٦٥.
(٩) آل عمران : ١٥٢.
(١٠) القلم : ١٧.
(١١) الملك : ٢.
(١٢) البقرة : ١٢٤.
(١٣) محمّد : ٤.
(١٤) المؤمنون : ١١٥.
(١٥) الأنعام : ٢٨.